سلامٌ عليكم جميعُا
الساعة الآن 11:57 ليلاً. منذُ فترةٍ طويلةٍ وأنا أرددُ في نفسي أنه يجبُ عليّ أن لا أتقاعس عن التدوين هُنا, وفي نفس الوقتِ كانت أفكارُ العديد من التدويناتِ تترددُ أيضًا فيّ, ومع هذا كنتُ أتقاعس, هل يبدو لي أنّ هناك سببًا منطقيًا لهذا؟
قرأتُ في تدوينة إحداهنّ, تدوينة رائعة أرجو أن أرفق رابطها هنا دون تقاعس.. كانت تلخيصًا لأسباب التسويف والتقاعس, ومن ضمنها سببُ المثالية! نحنُ نريدُ أن نفعل الشيء بالشكل المثالي الذي لا يحتملُ أيّ نقصٍ أو خطأ, فنؤجلهُ إلى حين أن نًصبح مُستعدين لذلك, أو إلى أن يحين الوقتُ المُناسب
والحقيقة المعروفة منذً زمنِ الزامنين “أعلمُ أن الزامنين كلمةٌ غير صحيحة لكن لا إشكالية :)” أن العُمر يمضي, الأيام تمشي, وهذا اليوم الذي مرّ بعاديّة شديدة لك هو نفسه اليوم الذي كان غير عاديِّ أبدًا في حياة شخصٍ آخر..أفعالنا هي ما تُميّز الأيام . بالمناسبة احترتُ, هل هي غيرَ عاديٍّ أم غيرَ عاديًّا ؟
على أيّة حال, حديثي ليس عن المثالية, بل عن التدوين, وعن أفكار التدوينات التي هذه التدوينة مختلفةٌ تمامًا عنها, لأن فكرتها وليدةُ اللحظة, جاءت من كتابٍ أقرأُ فيهِ بين الفينةِ والأخرى اسمه 101 ways to loose wight
وأذكرُ تمامًا ترددي عند شرائي لهذا الكتاب قبل أكثر من 5 أشهر لا لأنه لم يبدُ جيدًا لي, بل لأنني خشيتُ أن أركنهُ دون الاستفادة منه
المهمُ أنني اشتريته, وأنني بين فينةٍ وأخرى أقرأُ منه بعض النصائح..لستُ هنا أيضًا للحديث عن الكتاب بل للحديث عن آخر فائدة قرأتها منه وهي عبارةٌ عن فائدة الخيال للوصول إلى الهدف المنشود. “تخيلي نفسك وأنت تسوين رياضة, تخيلي نفسك وأنتِ تشترين الأكل الصحي, وأنتِ تأكلين الأكل الصحي, وأنتِ تتلذذين بالأكل الصحي..” هذا التخيل يجعلُ خطوات التغيير وفعلِ هذه الأمور أسهل. بفضل الله تعالى طبعًا أولاً وآخرًا.
الأمرُ ذاته ينطبق على جميع جوانب حياتنا, حين تتخيلُ نفسك وأنت تذاكر بجدّ, وتتخيل اجتيازك للامتحان وتتخيل نجاحك.
حين تتخيلُ أنّك شخصٌ جميلُ ذو ابتسامةٍ يحبّها الجميع 🙂
حينً تتخيلُ أنك شخصٌ هاديء وذكي “أعلمُ أن الجانب المغرور في نفوس البعض رفع أنفه آنفًا وقال :أنا ذكيّ أصلاً لا أحتاج إلى تخيّل ذلك.” لكن لا مانع أن تتخيل أنّك أذكى, ربما في جانبٍ لستَ كذلك فيهِ 🙂
الزبدة أن تتخيل نفسك الشخص الذي تريده, تتخيلُ هذا الشخص وهو يستقيظ كل صباح كيف يستيقظ ؟ ماذا يفعل هذا الشخص بعد أن يستيقظ ؟ ماذا يأكل ؟ ماذا يقرأ؟ كيف يتحدث؟ ماذا يلبس ؟ كيف يُقابل الناس ؟ كيف يتعاملُ مع مختلف ظروف الحياة ؟ كيف هو شكله ؟ شعره ؟ وجهه؟ جسمه ؟ تخيل كل ما تريد في هذا الشخص بدون قيود, لا يوجد أي قيدٍ للمال أو الوقت أو مصاعب الحياة في الخيال. وأنصحك أن تتخيل الشخص أكثر من الظروف إن أردت تطوير نفسك فعلاً.
هل أنت الآن قريبٌ من هذا الشخص الذي تخيلته أم أنك بعيد؟ كيف تصبحُ قريبًا ؟
“أشعرُ أنني الآن أحدُ كتب تطوير الذات”
أعرفُ هذا قبلًا, لمستهُ في مواقف متفرقة في حياتي, حين أتخيلُ الشخص الذي أريدُ أن أكون : الشخص الواثق من نفسه أثناء إلقاء الشعر في مسابقة شعرية أقيمت في المدرسة. الشخص الذي وصل إلى جسمه المثالي ..الخ
الخيال قوّة محرّكة عجيبة, لا لأنه يُسهلُ على الشخص الوصول إلى هدفه وحسب, بل لأنه حرفيًا يجعلُ حياتنا أجمل
الكثير من قصص الأفلام, الروايات العظيمة, الأنميات التي ما زالت تشكلُ أثرًا عظيمًا في أرواحنا قائمة بشكلٍ كبيرٍ على الخيال..
فهمنا لكثيرٍ من مُجريات الحياة قائمٌ على الخيال, فحنُ نتلقى المعلومة عن عملية التمثيل الضوئي مثلاً, ثم نتخيلُ النبات وهو يمتص أشعة الشمس, هل يمتلكُ لوحات شمسية لامتصاصه؟ أم أنه يمتص أشعة الشمس بمصاص خاصٍ لامتصاص الضوء؟ كل هذه التساؤلات والتخيلات تفتحُ آفاقًا أخرى, تثبتُ المعلومات المؤكدة حتى لو كانت الإجابة ليست المصاص أو اللوحات الشمسية . ” احنا وش دخلنا في النبات ؟!”
المهم, الخيال يبدأ تقريبًا من عمرِ الثالثة عند كل شخص, وحينها يبدأ الطفل بإنشاء عالمٍ خاص يقوم فيه بمغامرات عديدة وتحدثُ له العديد من المُفاجآت السعيدة في هذا العالم.
ونحنُ حين نتخيل, تتفتحُ آفاقٌ للإبداع لا حدود لها, وحين نتخيل تغدو الدُنيا ألطف بكثير, وتغدو الأشياء البعيدة أقرب
خيالُ الشخص مرآةٌ لإدراكه, فنحنُ نتخيلُ جيدًا الأشياء التي سبق لنا تجربتها, ولهذا هُناك ما يُسمى بتغذية الخيال ..وهو أن تُحيط نفسك بقصص مثلاً أو صورٍ لما تريدُ أن تُصبح حتى تُغذي خيالك الخاص عن شخصك الخاص ببعض هذه الصور, لأقرب هذه الجملة الفلسفية أكثر.. أنتِ شخص يبغى يصير شخص صحي طيب؟
بدأتي تتخيلين شخصكِ الصحي وهو يقوم من النوم يتوضأ ويصلي ويسوي تمارينه بعد الصلاة وبعدها يفطر بيض وتوست وخس طيب ؟
في الواقع أنت شفتي وصفة شوفان بالعسل وبذور الشيا والتوت والشوكلاتة “هذي الوجبة ما كنتِ تعرفين عنها أبدًا من قبل مثلا” بعدها لما ترجعين لتخيلاتك عن البطلة الصحية حقتك بتتخيلينها وهي تاكل شوفان وبذور شيا وتوت وشوكلاتة بدل ما تطفشينها كل يوم ببيض وتوست وخس ..وصلت الفكرة ؟ تخيلي لو تعرفين قائمة وصفات صحية كثيرة كم بتكون البطلة حقتك سعيدة ؟
الأمر المهم جدًا.. هل من الجيد أن تطغى فقرات الخيال على الواقع؟ إن حدث هذا مثلاً, فمتى نصبحُ الشخص الذي نتخيله ؟ إذا بس قعدنا نتخيل الوصفات بدون ما نجربها متى نصير الأبطال الصحيين الي ياكلون هذي الوجبات ؟ إذا قعدنا نتخيل نفسنا واحنا نسوي رياضة متى بنسوي رياضة ؟
من هنا نعرف إن الحياة وتحقيق الأهداف لا تعتمد فقط على الخيال, لكن لابدّ من إلزام النفس بالسعي نحو هذا الخيال.
كنتُ أريدُ كعادتي حفظني الله أن تكون هذه التدوينة شاملة أكثر لتطبيقات ومعلومات علمية عن الخيال وأنواع الخيال كنتُ اريدُ لهذه التدوينة أن تكون شيئًا (ولا في الخيال) لكنني أدركُ أنني إن أرسلتُ نفسي مع هذه الإرادة فهي غالبًا لن تعود ولن ترى هذه التدوينة الشمس, شمس عيونكم يعني..هل يوجد شمس في العالم الالكتروني ؟
الأمرُ الآخر الذي فاجأني هو أن الساعة الآن 1:15 وهذا يعني أنني قضيتُ أكثر من ساعة في كتابة هذه التدوينة التي يُفترض بها أن تكون تدوينة ليلٍ عابرة
أودّ أن أختم بهذه الأسئلة :
-ما الفرق بين الخيال والأحلام ؟ والتأمل ؟
“الجنةُ فيها ما لا أذنٌ سمعت, ولا عينٌ رأت, ولا خطرَ على قلبِ بشر”
-هل الخيال في القلب أو العقل ؟
نسألُ الله الجنة وما قرّب إليها من قولٍ أو عمل. آمين
شكرًا لكم, لأنكم وصلتم إلى هذه النقطة .
“كفارة المجلس”