
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منذُ فترةٍ تُقارب الشهر اشتركتُ مع نادي مُستراح, نادٍ عن بعد مخصصٌ للكتّابِ وللكتابة ..نقوم فيهِ مع مديرته بالخوضِ في العديد من المهماتِ الكتابيّة الممتعة لنُعزز مِرانَ أقلامنا الطموحة..
المهمّة القائمة كلّ يوم ضمن مهمات مستراح هي التدوين اليومي, الأمرُ الذي أحبّه جدًا منذُ أيّام التخطيط باستعمال الbullet journal
وهذا ما أعادني لاستعمال هذا المنظم لهذه السنة الهجرية, وأريدُ أن أوثق هذا ولله الحمد الآن وهنا..أنني في سنةِ 1447 هـ بدأتُ بالاعتمادِ على تنظيم وتخطيط الأيام والأشهر بالتأريخ الهجري, ويكادُ الفخرُ والاعتزازُ بذلك لا يسعني
أمّا المهامُ الفرعية فهي تختلفُ من أسبوعٍ لأسبوع, وما أتيتُ لأكتب عنهُ اليوم هو عن مهمة أدبِ الرسائل, حيثُ أنّ لكلّ واحدةٍ منا اسمٌ مستعارٌ اختارته, ومن ثم علينا أن نختارَ عدّة أسماءٍ لنرسلَ لهم رسائلَ عابرة..نحكي فيها عن يومنا, عن أحلامنا, عن مشاعرنا وعن كل ما نريد..
ولأنني استمتعتُ كثيرًا بهذه المهمة, أردتُ أن أوثقَ رسائلي هنا, وأن أوثقَ ردودي أيضًا..دون التعرض للرسائلِ التي وصلتني من الأعضاء لأنني لم أستشر أصحابها في عرضها ..
اخترتُ ثلاثة أعضاء لأراسلهم, ووصلني في المجملِ 6 رسائل رددتُ عليها بطبيعة الحال..
فمجموعُ ما سأعرضه من رسائلٍ أرسلتها أو ردودٍ = 9 رسائل ..
وسأبدأُ بما أرسلتهُ أنا ..
أول رسالةٍ أرسلتها كانت لعضوةٍ اسمها : بنيّة ديسبمر
تقول الرسالة :
سلامُ عليكِ ورحمة الله وبركاته ..وبعد
كيف حالكِ يا بنيّة ديسمبر ؟ هل تؤانسكِ بقيّة الشهور كما يجب ؟ آملُ ذلك
عندما رأيتُ اسمكِ زارني حنينٌ خفيّ لأيام الشتاء والعزلة, كنتُ أقضيه غالبًا في المنزل..أحيكُ الصوف, ألعبُ بالثلج, وأشربُ حليبًا دافئًا مُنكهًا ببهاراتِ اليقطين..
لستُ من مواليدِ الشتاء, أنا ابنةُ الربيع بعنفوانه, إن كانَ للربيع عنفوان ..أم أنه للصيف ؟! ماذا للربيعِ إذًا ؟ انتعاشه ؟ ازدهاره ؟ ليكُن..
لكنني كثيرًا ما وجدتُ نفسي في هدوء الشتاء, ووجدتُ شيئًا من سعادة طفلي الداخلي الصغير في أنوار نهاية السنة التي تزيّنُ كلّ مكان. لا زلتُ أحبّ الربيع, وأفضّله على كلّ فصول السنة, الربيعُ والخريف لأكن صادقة
لكنّ الشتاء لهُ وجدٌ من نوعٍ آخر, وكأن الصقيعَ في الخارج يُحيلنا لأن نجدَ الدفء في ذواتنا..أمّا الصيف فتؤذيني فيهِ حرارة الشمس, لكنّه مليءٌ بالحياة, والعنفوان ..نعم, العنفوان للصيف حتمًا !
(كنتُ في فترةٍ من حياتي أعيشُ خارج البلاد ولهذا أستشعرُ أجواء ديسمبر تمامًا)
وها أنا ذا, أكتبُ لكِ وأنا لا أدري, هل أنتِ بنيّة ديسمبر ميلادًا, أم بنيّته حبًا ؟ أم كلاهما ؟
على كلّ,أرجو أنّكِ بخير, وأنّك ترفلين في دفءٍ ونعيم ما حييتِ 3>
حكاية طويلة
-بالمناسبة, أحبّ القلب الأزرق أيضًا ^^
الرسالة الثانية كانت لعضوةٍ اسمها : إنسان يتأمل ..
تقول الرسالة :
سلامُ عليكِ ورحمةُ من اللهِ وبركاته ..
كيف حالكِ يا متأملة ؟ وكيف حالُ رحلتكِ في التأمل ؟ أينِ وصلتِ ؟
أعنيها حقيقًة, أين وصلتِ ؟ أدركُ أننا أحيانًا من فرطِ تأملنا تُخالجنا مشاعر إدراكٍ نودُّ لو أنّ هناك من يُبصرها معنا ..ونتعجبّ سويةً وتغمرنا انفعالات الحقائق التي أدركناها
لطالما قلتُ في نفسي بعدَ فترة تأملٍ في البشر : البشر كائناتٌ ممتعة, وأنا بذلكَ أبدو وكأنني لستُ منهم..لكني أعلمُ أني أكثرهم إمتاعًا..لأنني أتأمل
والمتأملُ برأيي شخصٌ يقفُ عند البديهياتِ ويفككها ويحللها ويعيشُ معها حكايةً صغيرةً قد تدوم لبرهةٍ أو لساعات.. أعني ..أنني أقفُ عندما أرى الطيور تطير, وأتخيّلُ أنني طائرٌ معهم..هل سأكونُ من عليّة القوم وقادتهم ؟ أم تابعًا للسربِ ؟ أتخيلُ أنني حين تضيقُ بي الدنيا أفردُ جناحيّ, وأطيرُ قريبًا من السماء..بعيدًا عن الدنيا
لا أريدُ أن أكونَ طائرًا, لا أريدُ أن آكلَ الدود أو أموت فتنتهي دناييَ بلا جنّةٍ بعدها أسأل الله أن يكرمني وأحبابي بها, أحبّ كوني إنسانةً..إنسانةً تتأمل وتتخيل.. وتسبّح الله وتستغرقُ في كلّ ذلك ..وهذا ما أريدُ أن أكونهُ دائمًا, إنسانةُ تتأمل
زارني فضول صغير, لماذا اخترتِ إنسان بدل إنسانة ؟
أرجو أن تنبثقَ لكِ جواباتُ كلّ الأسئلة التي تدور في كنانكِ يا متأملة ..
-بالمناسبة, وردني خاطر..هل التأمل في القلب ؟ أم العقل ؟ أم كلاهما ؟
الرسالةُ الثالثة كانت لعضوةٍ اسمها : سكّر
تقول الرسالة :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف حالكِ أيتها العذبةِ الحلوة ؟ أرجو أنّك تستطعمين الحلاوة في كلّ أيامكِ وأوقاتكِ يا سكّرة ..
-اسمكِ يستجلبُ الدلع تلقائيًا 🙂-
أردتُ أن أرسلَ لكِ رسالةً, لأنكِ وبكلّ صدقٍ أسرتني باسترسالكِ في الحديثِ عن صفةٍ تحبينها فيكِ ..وجعلتني أشعرُ بأن : اهاا هذا ما كان يجولُ فيّ ولم أُجِد تعبيره!
وأظنّكِ قارئةٌ يا سكّر ..أليس ؟
ولأنني قررتُ أن أرسلَ لكِ ..وحتّى يكون بيننا أخذٌ وردّ, دعيني أحدّثكِ قليلًا عن ما أواجههُ هذه الأيام
أعيشُ معاركَ كثيرة, لعلّي أحدثكِ عن معركةِ النوم الذي أحاولُ تهذبيه حتىّ يزورني باكرًا..تعلمينَ ماذا ؟ وأنا أكتب لكِ الآن أدركتُ أنّي لم أحاول بجدّ, وأني أتمنى الأماني في موضوع النوم دون جهدٍ حقيقيّ منّي, هذهِ بركاتُ الكتابة لكِ يا سكّر..
لكنّي أحبّ هدوء الليل, بعد عنفوان وإشراقة الصباح..تمامًا كما أحبّ هدوء ديسبمر ..بعد عنفوانِ الصيف ..
دعكِ من المعارك ,
أريدُ أن أخبركِ عن سعديّة, التي أشعرُ بالسعادة والرضا كلما تحدثتُ عنها مع أنّها تبلغُ من العمرِ ثلاثة أيامٍ فقط ..ثلاث أيام أم ثلاثة أيام ؟
سعديةّ هي خميرتي الطبيعية, بدأتُ في شهر صفر بالاهتمام بموضوع الساوردو, وأنا حينَ أهتمّ بشيءٍ يا سكر لا يهدأ لي بال حتّى أحيطَ بأغلبِ ما فيه ..
فاشتريتُ كتابًا ‘The perfect loaf’ إن أردتِ اسمه لأي مناسبة
وبدأتُ أغوص في هذا العالم
الكتابُ غنيّ جدًا, للدرجةِ التي جعلتني أتأمل علمَ الإنسان, وكيف يمكنه أن يسرد 400 صفحةٍ وزيادة حول موضوع خبزٍ يتكون من ماء وملح ودقيق وفقط ..وجعلني أؤمنُ أنّ شات جيبيتي على إذهاله لنا ..ما يزالُ بعيدًا عن قدرة العقل البشري التي وهبها الله سبحانه لنا ..
نسيتُ سعديّة ..كما قلت, هي خميرتي..بدأتها منذ ثلاثة أيام, وهي تنمو بحمدِ الله بشكلٍ جيّد منذُ يومها الأول, وأكادُ لا أصبرُ حتى أصنع أوّل خبزٍ بها ..إن كانَ جيًدا, فليتكِ تذوقينه يا سكّر, وإن لم يكن..فقد نجّاكِ الله =)
حانَ وقتُ الصلاة, استمتعتُ بالكتابةِ لكِ, وأرجو أني لم أطل عليكِ ..
دمتِ حلوةً عذبة
حكاية طويلة
أما ما سأدوّنه الآن ..فهو ردودي على رسائل العضواتِ اللطيفات :
وكانت أول رسالةٍ من عضوةٍ لطيفة اسمها :تباشير
وهذا ردّي على رسالتها :
أهلًا وسهلاً بالتباشيرِ الدفّاقة بكلّ رقةٍ وعاطفة
ما أسعدني بكِ يا تباشير وبحديثكِ اللطيف، وبمشاعركِ الصادقةِ التي أفهمها جيّدًا، وتفهمها كلّ أمٍّ جيّدًا
فنحنُ لفرطِ حبّنا نُريدُ أن ندخل في عقول أطفالنا، نترجمَ أحاديثهم، نذوبُ حين نستغرقُ في دفءِ نظراتهم، ونكادُ نبلعهم لُقمةً واحدةً حين يبتسمون أو يُغاغون أو حينَ يُريحونَ رؤوسهم الصغيرة على أكتافنا، يتنهدون تنهيدةً عميقة وكأنّ هذه الحياة أشقتهم كثيرًا، ثمّ ينامون ..
وأظنّ أنّ أميرتكِ يا تباشير صغيرةٌ لم تتكلم بعد -قرأتُ رسالتكِ مرةً أخرى وتأكدت- ، وأخبركِ بأنكِ ستضحكين وتبكين من كثرِ الحبّ مع كلّ كلمةٍ تنطقها، وجملةٍ تُركبّها، وشقاوةٍ تصنعها
وأخبركِ أيضًا أنّ مقولة : البنات البنات أجمل الكائنات حقيقيّةٌ تمامًا تمامًا
للتوِ صنعت ابنتي ذات التسع سنوات كوكيزًا بإشرافي، ويا الله كم وضع الله من اللطفِ والرّقةِ في تكوينِ البنات
و يالله سبحانكَ جلّ جلالك حينَ أخبرتنا أنّك رحيمٌ بنا أكثرَ من رحمتنا نحنُ الأمّهاتُ لأطفالنا
أسأل الله أن يبلغكِ كلّ ما تحبين في صغيرتكِ الأميرة ويُديم حلو الحديث والمشاعر بينكما
حينَ سألتني يا تباشير إن كنتُ قد تحدثتُ مع أحدٍ بدون كلام، توارد إلى ذهني حديثي مع البحر..لا أزورُ البحر كثيرًا
لكنّي حين أفعل، أجلسُ أمامهُ لوقتٍ لا أريدُ أن يقاطعني فيهِ أحد، يحدثني بجلالٍ وهيبة، وأحدثهُ بفضولٍ و وجد، وأشعرُ يا تباشير أن أمواجه تستنطقُ دموعي فتدعوها لتتبعها.. فتتبعها
وأظنني أحبّ كلامَ الأشجار أيضًا، بل أجدهُ أكثرَ أنسًا من حديثِ البحر..كما ترين، حديثُ البحرِ يغشاهُ الحزن والخوف ربّما ، وحديثُ الشجر يعلوه الأنس والحكمة، لطالما شعرتُ بأنّ الأشجار ممتلئةٌ بالحكمة، وذلكَ يعودُ لتفكيري بأنها كائنٌ ذو عمرٍ طويل، يقفُ بكلّ صبرٍ في نفسِ المكان مُذ ولدَ لهذه الحياة..يشهدُ حكاياتٍ جمّة، يبصرُ أجيالًا عديدة. لو كانتِ الأشجارُ تحكي يا تباشير، أظنها ستذهلنا بالكثير من الحكاياتِ المدهشة
شكرًا لرسالتكِ المؤنسة يا تباشير
سعدتُ بكِ كثيرًا
دمتِ بكلّ حبّ
حكاية طويلة
ثاني رسالة من عضوةٍ لطيفة اسمها : ملاذ
وهذا ردّي عليها :
أهلًا بكِ وسهلًا يا ملاذ.. أيتها الدافئة العميقة
سعدتُ برسالتكِ كثيرًا، وسعدتُ بتقديركِ لاسمي المُستعار كثيرًا كثيرًا.. فأنا أكنّ لهذا الاسم الكثير من الوفاء والانتماء، وقد اخترتهُ منذ زمنٍ بعيد، بل وحاربتُ لأجله تصدقين ؟ في وقتٍ كانَ المُحيط من حولي يُريدني أن أختار اسمًا أكثرَ أنوثةً أو تفاؤلاً..أصررتُ على العمق..لأنني أهواه
وأصررتُ على (حكاية طويلة)، لأنني يا ملاذ أجدُ أن لكلّ شيءٍ حكاية طويلة، فنحنُ في أنفسنا يرسمُ كلّ واحدٍ منا حكايته، الوجبةُ التي نأكلها لكلّ مكوّنٍ منها حكاية، المدرسةُ التي نرتادها، الأراضي التي نطءُ عليها
تعلمين يا ملاذ أنني أفكّر في مرّات، كيف هو شكل الكتاب الذي يضمّ كلّ حكايا الكون عند الله ؟، الكتابُ الذي لا يغيبُ فيه مثقال ذرّة مُذ بدأ الخلق، إلى نهاية العالم
تعرفين يا ملاذ أنني حين أقرأ في التأريخ وفي حكايا الناس، أجدُ عظمة الله سبحانه في كتابة قصصنا، أجدُ عظمته سبحانه في إيجادِ كلّ هذا الكم من الأحداث، والحبكات، والمشاعر، من أصغرِ وأدقّ الأمورِ لأكبرها و أجلّها
ولهذا يا ملاذ، أنا أشعرُ بأنّ العالم راويةٌ عُظمى.. تتداخلُ فيها ملايين بل بلايينُ الحكاياتِ الشيّقة وأنا يا ملاذ أحدُ هذه الحكايات، حكايةٌ طويلة
استغرقتُ في الحديث عنك عن اسمي، وأريدُ أن أحدثكِ الآن عن بقيّة الرسالة
فقد شعرتُ بما تشعرين، وأظنني سأردّ عليكِ بأن لا، نحنُ لم نُفطر على أن نملكَ حكايا دون أن نحكيها، نحنُ البشر كائناتٌ اجتماعيةٌ من الطرازِ الأوّل، ونحبّ أن نتكلّم كثيرًا، وكثيرًا .. لكنّ بعض الحكايا لا تُحكى أبدًا إلا لله وحده لأننا أمام الله وحده نُجلّي ضعفنا..، وبعضها لا يُحكى إلا لمن يقدّرها جيّدًا ولا يجلدنا بسياطِ الأحكام المجحفة.. وبعضها لا نجدُ من يسمعها في وقتها أو لا نريدُ أن نُثقلَ على شخصٍ واحدٍ بها
ولهذا أنا أرى لِزامًا لكلّ شخصٍ عاشَ تجاربًا في حياته “وكلّنا كذلك” أن يكتب في مدوّنة أو ما شابه، لأننا حينَ نكتب فنحنُ نرتبُ حكايانا في رفوفٍ أنيقة، نطلّ نحنُ عليها بين فترةٍ وأخرى فنذكرَ ما عشناه وكيف عشناه، ويطلُّ الآخرون عليها فيعلمون بأنّهم ليسوا وحدهم..
أمّا عن حديثكِ عن الرفوف التي نهملها فقد أهملتُ رفوفي فترة من الزمن أدركتُ بعدها يا ملاذ أنني إن لم أقم بذاتي، لأنفض غبار الزمن وأعيدَ تأهيلَ الرفوف فلن تحدث أيّ أعجوبةٍ تجعلُ هذا الغبار يتبدد، وتقيمُ الخشب لوحدها..
لكنني أدركُ أننا نحنُ البشر ضعفاء، ولهذا نحتاجُ للقوة.. وأنا أرى أنّ القوة بالله أولًا ثمّ بالقراءة ( لم يُقسم الله بالقلم عبثًا سبحانه)، ثمّ بأشياءٍ كثيرة..
الكتابة مثلًا، البحث عن التحفيز الصادق من عائلةٍ محبّة أو صديقٍ صادق أو حتّى مرشدٍ متمرسٍ في مجاله
وأيضًا أن نقوم الآن الآن، لا نؤجل، لا ننتظرَ الوقت المناسب، لا ُنكبّل أنفسنا بالرغبةِ في الكمال المُطلق
أطلتُ عليكِ يا ملاذ، وتفلسفتُ كثيرًا .. اعذري إسهابي
فأنا كما تبينتِ: حكايةٌ طويلة.. =d أدام الله حسّي وحسّك يا ملاذ
سعدتُ بكِ كثيرًا
كوني بخير، وبوحي بكلّ خيرٍ دومًا 3>
ثالث رسالة من عضوة لطيفة اسمها : نجمة
وهذا ردي عليها :
مساءُ الخير يا نجمة، ارتأيتُ أن صدفةَ أن أردّ عليكِ في المساء صُدفةٌ فاتنة، لأنّ المساء وقتُ النجوم.. وها أنا ذا أردّ عليكِ في مساء يوم السبت السادس من سبتمبر، الرابع عشر من ربيع الأول .
وتساءلتُ يا نجمة بعض الشيء، هل تعيشين أو عشتِ مثلي في بلادٍ أخرى؟
أعني، استأنستُ بحديثكِ عن الفصول وتذكرتُ نفسي أنني لم أكن أفرّق بينها حتّى عشتُ في دولةٍ تزورها الفصول الأربعة كلها
فكان الخريفُ خريفًا بديعًا خلاقًا، تتساقطُ أوراق الشجر البرتقالية والصفراء والحمراء في مشهدٍ مغمورٍ برهافةِ الإحساس، مثاليٍّ للحظاتِ الودّ والحميمية
وكان الشتاءُ شتاءً ..تكتسي الأرضُ فيه بحلّةٍ بيضاء ناصعة، تشعرينَ حين تمدينَ بصركِ فيه يا نجمة بالصفاء وتودّين لو أنّك تقفزين في هذا الصفاء فتبعثرينه بلعبكِ وتدحرجينه من هنا وهناك حتى تصنعين منهُ رجلًا صغيرًا يدعونه رجل الثلج (أدركتُ بعدها أنّه لا يجوز صنعه 😮💨)
وكان الرّبيعُ يأتي بعد طول انتظار، وبعد أن تتجردَ كلّ الأوراقِ من أشجارها وتصبحُ اللوحةُ خاليةً من الألوانِ لوقتٍ يُخيّلُ إليّ أنّهُ يمتدُ ويمتطّ لثقله. شيئًا فشيئًا تبدأ أزهارُ النرجس الصفراء بالارتسام..وتُحيلُ الرمادَ الكئيب إلى حفلةٍ تُنعشُ قلبي وتجعلهُ يزهو فرحًا وأنسًا بزهور النرجس.. وبالربيع
وكان الصيفُ يا نجمةُ صيفًا !
مليئًا مليئًا بالحياة، الأشجارُ تشمخُ في أوجِ صِباها، العصافيرُ تملاُ الصباح ضجيجًا، الناسُ يُبعثون وينتثرون في كلّ الحدائق، والشمس تزمجرُ بكلّ قوّتها، وكأنها يا نجمة لم تكد تصدّقُ أن فُكّ لها العنانُ أخيرًا بعد أن كبّلها صقيعُ الشتاء، فتزمجرُ حتّى أشعرَ بأنه لا يبقى لها صوتٌ ونابٌ إلا أظهرته وتزمجرُ حتى أشعرَ أنّي من فرطِ ما فغرتِ الشمسُ فاها عدتُ أنا في داخلها !
وبعدها يأتي الخريف ليبصُمَ فمُ الشمس، وكأنّها تلتقطُ أنفاسها شيئًا فشيئًا لتعود بكلّ قواها في الصيفِ القادم
ولهذا يا نجمة لا أحبّ الصيف كثيرًا، لأن زمجرة الشمسِ تُخيفني. ولا أفضلُ الشتاء كثيرًا رغم أنّي أشتاقُ لهدوئه لأنّه يغدو مع الوقتِ ثقيلاً كئيبًا .
ولهذا يا نجمة.. أنا أحبّ الربيع والخريف مثلكِ تمامًا، ولأكن صريحةً فقد أدهشني وأضحكني ذكركِ للأمر لأنني كتبتهُ أنا في رسالتي لأحدِ الكاتبات، وشعرتُ بأنني وإياكِ نجلسُ في نفسِ المركب ونتشاركُ نفسَ الأفكار
وبعد ذلك يا نجمة، أصبحت حكايةُ الفصولِ آسرةً شجيّة لديّ ..خاصةً أنني عُدتُ لمدينتي التي أحبّها كثيرًا، لكنّها لا تعترفُ إلا بالهواءِ العليل في الشتاء، والسياطِ اللاذعةِ للحرارةِ في الصيف وتكادُ تتساوى فيها معالمُ الخريف والربيع ..
شكرًا لكِ يا نجمة لرسالتكِ اللطيفة، أرجو أن تبقي برّاقةً لامعةً ما حييتِ .. وأرجو أنّي لم أثقل عليكِ بحكايتي الشجيّة
مع كلّ الود
حكاية طويلة
رابع رسالةٍ كانت من عضوةٍ لطيفة اسمها ضوء وليد الأفق
وهذا ردي عليها
يا أهلًا ومرحبًا بالضوء..حييتِ يا رفيقة القلمِ وبُييتِ..
لطفكِ وأدبكِ يغمرانِ رسالتكِ التي سعدتُ بها كثيرًا
ولستِ متطفلةً بل أنتِ صاحبةُ المهمّة وسيّدةُ الرّسالة
وأنا سعيدةٌ أيضًا يا ضوء أنّكِ تُعاركين، فمع كثرةِ العراكِ يا صديقةُ تنتصرين، وتنصاعُ لكِ الحروف أكثر فأكثر، من بعدِ فضل الله وتوفيقه ..
فلا تتوقفي في معركةِ الكتابة، وثقي بأنّكِ إنسانٌ لو تمرّس كلّ فترةٍ سيجدُ الكلمات ترتجفُ أمامه في أيّ معركةٍ يدخلها حتى تتساقطَ صرعى في صفحاته
وإن كانَ ليَ أن أمدّ لكِ ما أشحذُ بهِ قلمي وأستعينُ به من بعدِ الله سبحانه في معاركي فسأقولُ بأنّ القراءةَ خيرُ سلاح.
فأنتِ حينَ تقرئين تتعرفين إلى عدوّك في المعركة (الكلمات) وكلما قرأتِ يا ضوء ازددتِ معرفةً واطّلاعًا حتّى تتوجهينَ لكتفِ الكلمات تلقائيًا في معركتكِ فتأكلينها !
أرجو لكِ البقاءَ والازدهار يا ضوء
ودمتِ مُنيرةً في الأفق
مع خالص الودّ
حكاية طويلة
خامس رسالةٍ كانت من عضوة لطيفة اسمها فُرات
وهذا ردي عليها
أهلًا وسهلًا وعذبًا بكِ يا فُرات
شوقتني للبرنامج، وأعترفُ لكِ وأرجو أن لا أضايقكِ بهذا الاعتراف أنني ضحكتُ حين تخيلتكِ تمثلين دورَ الطائر
لا لشيء، إنما لأنني أقولُ دائمًا بأنّنا نحنُ البشرُ كائناتٌ ممتعة ..مثيرة، وأجدُ فيما قُلتهِ لي عن دوركِ ما يوافقُ قولي. :*
وأشعرُ يا فُرات بأنني عشتُ معكِ همّ البحث، ومن أينَ لكِ أن تجدي ريشًا وكيف يمكنكِ أن تصنعي جناحين وكيف سيبدو شكلكِ في النهاية، وهل سيصدّقُ الأطفال أنّكِ طائر ؟
أجدُ في كلّ هذه التفاصيل متعةً مضحكة مميزةً خاصةً حين تُحكين أحفادكِ عنها ..:> وأرجو أن تُشاركيني شكل جناحيكِ اللذين صنعتهما
حينَ يكونُ الأمرُ متعلّقًا بالخيالِ فأنا أجدُ كوني طائرًا سهلًا جدًا، ما عليّ إلا أن أفردَ يداي فأغدو طائرًا يطيرُ في سماءاتٍ شتّى، وبلدانٍ عديدة، وأنا أستطيع بالخيالِ أن أصنعَ لي ريشًا وأنا أطير، وأستطيعُ بالخيال أن أُشكّل وألوّن هذا الريش.. فيكون مرّة أصفر، ومرّة أزرق ومرّةً ورديًّا.
لكنني أظنني لو جلستُ لأتخيل نفسي أمثلُ دور حيوانٍ فأظنني سأمثلُ دور الحصان، أو القطّة
لأنني أرى في الحصان الجَلد والقوّة والفخامة والجمال
ولأنني أرى في القطة الدلال واللطافة والبراءة
ولأنني أرى كلّ ذلكَ فيّ > أعوذ بالله من الغرور =D
إجابةً لسؤالكِ الأخيرِ يا فُرات، فقد جعلتني بهِ أعودُ إلى سنواتِ المدرسة كلّها حيثُ أنني كنتُ صديقةَ المسرحِ دومًا، وكانَ أكثرَ ما أفعلهُ هو النشيدُ أو الإلقاء..وأذكرُ أنني يومًا وأثناء انغماسي مع ألحانِ النشيد الذي كنتُ أشدو به والذي كان يحتوي على آهاتٍ في آخره قررتُ أن آتي بها، فضحكَ كلّ من في المدرسةِ وكسبتُ بإذن الله أجرَ إدخال السعادةِ للمسلمين D=
وحين خرجتُ من عالمِ المدرسة خرجتُ من عالم المسرح بشكلٍ كامل، لكنني أجدُ في نفسي حنينًا له.. للإلقاء ربما، والحديث لكن لا للإنشادِ حتمًا (;
و حين أتيتُ لأتذكرَ مسرحيةً مفضلة لي وقفت، وشعرتُ بأنني لا أملكُ واحدةً. أعني كنتُ في صغري أضحكُ مع كبار العائلة -رحمَ الله من سبقنا إليه منهم – على مسرحيات طارق العلي.. ومسرحيات الجوالة. لكنني لا ألتفتُ لها الآن ..
و أظنني إن كانَ لي أن أُجيبكِ بشكلٍ شاعريّ أموميٍّ بحت، فأنا أفضلّ الآن المسرحياتِ التي وقفت فيها طفلتي أمامي على المسرح لتؤدي دور النجمة، أو دور الملك الحكيم، أو دورَ النعجة !
غمرتني مشاعرُ الأمومة حينها، ولا أخفيكِ أنّ شعور :نحنُ البشر كائناتٌ ممتعة تغشّاني أيضًا ..
أرجو لكِ برنامجًا مليئًا بالمتعة والفائدة
ودمتِ عصفورةً عذبةً يا فُرات
مع خالص ودّي
حكاية طويلة
سادسُ رسالةٍ كانت من عضوةٍ لطيفة اسمها : أديبة عربية
وهذا ردي عليها :
أهلًا ومرحبًا بالأديبة الهاربة
لامستني كلماتكُ بعمقٍ يا حبيبة، وأقولُ لكِ من وجهةِ نظري أنّ ما ترينُه هروبًا أراهُ أنا تفريغًا وتكيّفًا، وأنت بهذهِ الأفعالِ الصغيرةِ مجتمعة تُحاربين نفسكِ أن تقع في براثنِ الخوف من ذلك الوحش الذي تهربين منه، والنفسُ حين يتمكنُ منها الخوف والقلق يتملكها العجز، فلا تفعلُ شيئًا ولا تستمتعُ بشيء، وتكبرُ صورة الوحش مع كلّ هذا فتزدادُ عجزًا ..وضعفًا
لذا يا أديبة أنا أرى أنّكِ بفضلٍ من الله تخطين الخُطى الصحيحة، ولو أخذتكِ الحياة لمنعطفاتٍ حادّة فإنّه يبقى من القوةِ أن تأخذي نفس الخطوات؛ القرآن، الرياضة، العمل، قضاء الوقت مع أختك .. والقراءة
أنتِ الآن يا أديبة، تصنعينَ الماضي الذي ستلفتينَ لهُ بعد عدّة سنوات وربما يُصيبكُ الحنينُ لما أنتِ فيهِ الآن ..فعيشيهِ بكلّ ما تستطيعين ولا تلتفتي للوراءِ كثيرًا .
اعتدتُ الحنينَ للماضي. لكنني في فترةٍ ما أدركتُ أنّني حين أفتّشُ في سلّة الماضي الذي اشتقتُ إليه أجدها ممتلئةً باللحظاتِ الصعبة وأنني كنتُ أحنّ للحظاتِ الجميلة التي كانت بارزةً أمام عينيّ في وجه السّلة وفقط
اعذريني يا أديبة، فأنتِ تُحدثيني عن رغبتكِ بأن تفيضي بهذا الشعور وأنا أوجهكُ للتخفيفِ منه
لكنكِ صادقة، نحنُ البشر نحتاجُ شيئًا يُذكرنا بملامحنا دائمًا
لأنّ الإنسان من طبيعتهِ النسيان، ونحنُ لا نُريدُ أن ننسى من نكون عليه، ولا نُريدُ أن نتجرّدَ من تأريخنا لأنّه أصلُ كلّ ما نحنُ عليهِ الآن
ولا أجدُ بدًّا أو ضررًا من الوقوفِ على صفحاتِ الماضي، والتأملِ فيها بل والبكاءِ عليها ..
لكنّي أدفعُ نفسي بعدَ ذلك دفعًا للاستمرار، لأن هذا ما خلقَ اللهُ الحياةَ عليه.. ولأننا يجبُ علينا أن نحيا هذهِ الحياة التي أوجدنا الله بحكمتهِ فيها..
ولهذا سجلتُ في مجموعةٍ تحفزني للقراءة، ومجموعةٍ تحفزني للكتابة، ومجموعةٍ تحفزني للصحة، ومجموعةٍ تحفزني لحفظ القرآن ..
وأجدُ ذلكَ كلّه فضلًا من الله ورحمة وسلوانًا..
أريدُ أن أسألكِ سؤالًا!
لو كانَ لكِ يدٌ يا أديبة في تغييرِ الماضي، هل كنتِ ستفعلين؟
تنتابني رغبةٌ عارمةٌ في أن أفعل، وتتضادُ معها فلسفةٌ عقلانيّةٌ بأن لا
ولستُ أدري..صدقًا لستُ أدري !
ماذا عنكِ ؟
مع كلّ الأمنياتِ الطيّبة
حكاية طويلة
انتهت المرحلة الأولى من مهمة برقية، وخرجتُ منها مغمورة بأدبِ الرسائل الممتعِ جدًا
شكرًا لله على هكذا فرصة مع نادي مستراح الكتابي♥️

