السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
Detox كلمة انجليزية تعني : التخلص من السموم.
إدمان مواقع التواصل الاجتماعي أصبح ظاهرة منتشرة لدرجة أن أشخاصها المدمنين قد ينفون حقيقة إدمانهم..
والبعض الآخر قد يعترف بإدمانه ولكنه يبرر لنفسه من ناحية أخرى أن كل شيء آخر في حياته بخير, فهو يقوم بواجباته تجاه المنزل, وتجاه المدرسة أو العمل خير قيام!
والحقيقة أن إدمان مواقع التواصل الاجتماعي يعتبر من الإدمانات الآمنة الذي لا يؤثر بشكل خطير ومباشر على العقل أو الجسد مثل الهيروين أو غيرها من المخدرات , لكنه للأسف يؤثر على جودة حياة الشخص, فيصبح من الصعب على المدمن أن لا يهتم بسطحيات الأمور أو صغائر الحياة , وتصبح حياته غالبًا مقتصرة على تطوير حياته الاجتماعية الافتراضية دون التركيز على تطوير وصقل مهاراته كشخص منفرد قد يضطره الأمر يوما ما للعيش بدون هاتفه أو لابتوبه أو حياته الافتراضية.
وقد يقول قائل أنه بالعكس يستخدم كل تلك الوسائل “التكنولوجية” بجانب تطويره لمهاراته الحياتية والشخصية وأنه لو عدنا يوما للعصر الحجري أو عاد هو لوحده لتمكن من العيش بسعادة وإنجاز تام. وردي على هؤلاء الأشخاص يقول :أبطال! بإمكانكم إغلاق التدوينة الآن !
أمزح, تدوينتي تحتاج كل عينين جميلتين تقرآنها الآن ولا تريدهما أن يفارقاها إلا عند الانتهاء منها, بإمكانكم أن تدمنوا قرائتها أيضًا لا مشكلة ->تحيز .
فكرة التدوينة بدأت عندما اضطرتني بعض الظروف لمقاطعة وسائل التواصل الاجتماعي لمدة أربعة أيام وقررت أثنائها أني سأعتبر هذه الفترة فترة تخلص من سموم مواقع التواصل وأني سأكتب عن تجربتي الصغيرة بعد انتهائي منها, مشاعري وإنجازاتي والصعوبات التي واجهتني .
أربعة أيام كما علمتُ لاحقًا لا تعتبر انقطاعًا حقيقًا كما تُقام بعض التحديات لمدة أقلها شهر أو ثلاثة أشهر أو حتى سنة وذلك اعتمادًا على مادة الدوبامين التي في عقلنا والتي تتأثر بإدمان وسائل التواصل والتي تحتاج لهذه الفترة من الزمن (ثلاث شهور إلى سنة) لتعود لحالتها الطبيعية.
لكنها بالنسبة لي كانت تجربة لا بأس بها, أردتُ دومًا أدائها وجاء الحمد لله اليوم الذي أنجزتها فيه .
بداية التجربة كانت يوم الخميس 22/1/1439 الساعة الواحدة ظهرًا, ونهايتها كانت يوم الاثنين 26/1/1439 في نفس الوقت طبعًا .
ضغطتُ فيها “اختصارًا للوقت” زر ال(وايفاي) في جوالي, وأبعدتُ آيبادي ولابتوبي لمكان بعيد “درج السرير”
وانطلقتُ في حياتي.
مما استفدته من تجربتي الصغيرة هذه :
1- أصبح عندي وقتٌ أكبر للقراءة, قرأت فصلين من كتاب Talk like TED والذي كنتُ أسوّف في قرائته كثيرًا .
2-ازداد الوقت الذي أقضيه مع عائلتي بشكل مركز “جلسة بغير جوال” .
3-أصبحت أستمتع بقضاء الأوقات الحقيقية مع الناس خارج المنزل, حضرتُ زواجًا, وزرتُ صديقتي في يومين مختلفين من هذه الفترة, هذا قد يحدث في أي وقت لكنّ حدوثه في تلك الفترة كان ممتعًا بالنسبة لي, لأني شعرتُ بأهمية التواصل الحقيقي كفرصة منعشة لتقضية الوقت “يعني حسيت بشعور جداتنا زمان لما يكون فيه سمرة أو خرجة عند أحد كيف ينبسطون بها” , قد لا يتمكن المرء من قضاء الأوقات خارجًا وهنا تظهر قوة التحدي في أن يجد مهارة أو هواية يصقلها, أو حتى أن يتبنى اجتماعًا أو فعالياتٍ للعائلة أو الأصدقاء.
4-اكتشفتُ عمليًا أني في الحقيقة أملكُ الكثير من الأشغال والاهتمامات التي أحتاج وأرجو إنجازها في يومي, وأني أحشرُ معها متابعة المواقع الاجتماعية, وأنه للأسف يحدث أن تحشر مواقع التواصل اهتماماتي حتى ترميها خارج دائرة يومي. ” من زمان أعرف هذا الشيء ولهذا حذفت السناب والكثير من مجموعات الواتساب والألعاب والانستقرام من زمان , لكن هذي التجربة أكدت لي إن هواياتي ممكن تشغل وقتي لدرجة ما عندي مشكلة أوقف مواقع التواصل فترة من الزمن عشانها”
5-اتجهتُ للتواصل الصوتي مع الأصدقاء بدل المراسلة الكتابية.
للآن هذه الأشياء الصغيرة التي أنجزتها, لا أرى أني أنجزتُ الكثير حقيقة ببعدي عن مواقع التواصل وقد يعود ذلك إلى عدم طول المدة +عدم التخطيط الجيد .
بعد عودتي من هذه الأربعة أيام, وفتحي لزر ال”وايفاي” وجدتُ الكثير من الرسائل “حوالي 900 رسالة” من نوعية الرسائل الغير مهمة, التي ضغطت زر النتبيه عليها وسحبت رسائل المجموعة التي فيها حتى أتخلص منها فقط ! , وتأملتُ هنا .. هذا العدد من الرسائل تخلصت منه في وقتٍ بسيط كهذا لأنه كان كثيرًا عليّ أن أقرأه, في حين أني في الأوقات العادية أقوم بقراءة مثل هذه الرسائل التي لا تهمني أولاً بأول بحجة أنها لا تأخذ من وقتي, ولو أنني جمعتُ الدقائق القصيرة التي أقضيها على مثل هذه الرسائل لاجتمع لي وقتٌ لا بأس به بإمكاني قضائه في شيء ذا فائدة أكبر .
من الصعوبات التي واجهتني في البداية هو كثرة الأسئلة التي راودتني والتي وسوست لي نفسي بأني أريد البحث عنها, فوائد بعض الأشياء التي قمت بها, كيفية فعل أمر معين, معنى العديد من الكلمات باللغة الانجليزية, لكني آثرتُ تعليق هذا الأمر لما بعد المدة المحددة, وأشغلت نفسي بأمور أخرى مثل القراءة والرياضة. وها أنا ذا حية أُرزق ! المغزى هنا ليس أن نتجاهل الأمور المفيدة التي نبحث عنها لكن إذا كنّا بصدد أمر ما , فمن المُشتت تمامًا التحول إلى الأفكار الصغيرة التي تطرأ على أذهاننا بمجرد أن تطرأ, بل من الأفضل أن ننجز ما في أيدينا ثمّ نقوم لما سواه. ومن الجيد هنا أن نملك دفترًا صغيرًا نكتب فيه كلّ الأمور الطارئة التي تزورنا أثناء انهماكنا في أمر ما, حتى لا ننساها .
عدا ذلك لم أواجه صعوبات كبيرة والحمد لله .
أدعو نفسي والجميع لتعلم أشياء جديدة واكتشاف مهارات أخرى واكتساب خبرات أكثر بدلاً من الوقت الضائع الذي نقضيه في أمور لا تضيف معنىً مهمًّا لحياتنا
هذه قائمة بالأمور التي فكرت فيها لاستغلال وقتنا بفعالية أكبر وقد تضيفون لها ما تحبون وترونه مفيدًا وذا قيمة حقيقية في حياتكم :
*حضور دورات في شتى المجالات.
*تعلم لغة جديدة .
*تعلم المكياج أو الرسم .
*قراءة مجموعة من الكتب المفيدة .
*قراءة الروايات بدلاً من الأفلام .
*تعلم الزراعة .
*تعلم طبخة جديدة أو عمل يدوي .
*تعلم برامج المونتاج أو التصوير.
*متابعة سلسلة الأفلام الوثائقية وعروض TED .
*الاشتراك في تحفيظ لمراجعة وحفظ القرآن .
*حضور المحاضرات و الدروس العلمية الدينية ونحوها.
*الاشتراك في نادي رياضي وتعلم السباحة .
*تعلم الخياطة وأي مهنة جديدة للشخص .
*اكتساب عادات صحية .
*اجتماع مع الأصدقاء .
*اجتماع ممتع مع العائلة . “مسابقات حركية وثقافية”
قبل أن أختم تدوينتي هذه فأنا لا أدعو إلى الانقطاع التام عن مواقع التواصل , أنا نفسي أستمتع بقضاء وقت فيها “خاصة إذا احتسبنا صلة الرحم وما إلى ذلك ” , لكنني أدعو نفسي والجميع للتأمل في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم
: “اغتنمْ خمسًا قبل خمسٍ شبابَك قبل هرمكَ وصحتَك قبل سَقمِكَ وغناكَ قبل فقرِك وفراغَك قبل شغلِك وحياتَكَ قبل موتِكَ”
وحديث : “لا تزولُ قَدَمَا عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن أربعٍ عَن عُمُرِه فيما أفناهُ وعن جسدِهِ فيما أبلاهُ وعن عِلمِهِ ماذا عَمِلَ فيهِ وعن مالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وفيما أنفقَهُ “.
شكرًا لكم
تدوينة أكثر من رائعة سلمت أناملك وسلم تفكيرك الراقي
وسلم من كان خلف الكواليس وأتاح لك الفرصة لتعيشين
4 أيام بلا نت 💕💕💕
ومرورك وتعليقك يا ماما يترك في قلبي شعورًا أكثر من الروعة نفسها 💘 سلمتِ ودمت بكل خير وحب 💙💙💙💙
تدوينة جميلة جدًا .
مع اقتراب الإجازة الصيفية وشهر رمضان قررت أن أقلل كثيرًا من استخدامي للجوال ومشاهدة التلفاز والتركيز على تطوير ذاتي، بالتحديد أنني قريبًا سأنتهي من مسيرتي الجامعية، وكانت تدوينكِ هذه دافعًا ومحفزًا لي.
شكرًا..